محمد رفعت – سورة المرسلات [الاية ١-٢٣]

محمد رفعت – سورة المرسلات [الاية ١-٢٣]
الولادة والنشأة
الشيخ محمد رفعت ابن محمود رفعت ابن محمد رفعت فكان اسمه واسم ابيه وجده كلها مركبة. وقد ولد في يوم الإثنين 9 مايو عام 1882م بدرب الأغوات بحي المغربلين بالقاهرة، وفقد بصره صغيراً وهو في سن الثانية من عمره.[1]
بدأ حفظ القرآن في سن الخامسة، عندما أدخله والده كُتّاب بشتاك الملحق بمسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب[2] وكان معلمه الأول الشيخ محمد حميدة وأكمل القرآن حفظا ومجموعة من الأحاديث النبوية، بعد ست سنوات شعر شيخه أنه مميز، وبدأ يرشحه لإحياء الليالي في الأماكن المجاورة القريبة. ودرس علم القراءات والتجويد لمدة عامين على الشيخ عبد الفتاح هنيدي صاحب أعلى سند في وقته ونال اجازته. توفي والده محمود رفعت والذي كان يعمل مأموراً بقسم شرطة الجمالية وهو في التاسعة من عمره فوجد |الطفل اليتيم نفسه مسئولاً عن أسرته المؤلفة من والدته وخالته واخته واخيه «محرم» وأصبح عائلها الوحيد بعد أن كانت النية متجهة إلى الحاقه للدراسة في الأزهر، بدأ وهو في الرابعة عشر يحيي بعض الليالي في القاهرة بترتيل القرآن الكريم، وبعدها صار يدعى لترتيل القرآن في الأقاليم.[2]
عائلته
متزوج من الحاجة زينب من قرية الفرعونية بالمنوفية، ولديه أربعة أبناء أكبرهم محمد المولود عام 1909م وقد رافق والده فكان بمثابة سكرتيره ومدير أعماله، ثم أحمد ولد عام 1911 م وقد سار على درب والده فحفظ القرآن ودرس القرآءات ونال الإجازة فيها، ثم ابنته بهية وولدت عام 1914 م تزوجت من عبده فرّاج، ثم أصغرهم حسين وولد عام 1920 م وكان يقرأ لوالده الكتب، وقد توفاهم الله جميعاً.[3]
قراءة القرآن
تولى القراءة بمسجد فاضل باشا بحي السيدة زينب سنة 1918م حيث عين قارئا للسورة وهو في سن الخامسة عشرة، فبلغ شهرة ونال محبة الناس، وحرص النحاس باشا والملك فاروق على سماعه.[4] واستمر يقرأ في المسجد حتى اعتزاله من باب الوفاء للمسجد الذي شهد ميلاده في عالم القراءة منذ الصغر.[3] وافتتح بث الإذاعة المصرية سنة 1934م، وذلك بعد أن استفتى شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظواهري عن جواز إذاعة القرآن الكريم فأفتى له بجواز ذلك فافتتحها بآية من أول سورة الفتح (إنا فتحنا لك فتحا مبينا)، ولما سمعت الإذاعة البريطانية بي بي سي العربية صوته أرسلت إليه وطلبت منه تسجيل القرآن، فرفض ظنا منه أنه حرام لأنهم غير مسلمين، فاستفتى الإمام المراغي فشرح له الأمر وأخبره بأنه غير حرام[2]، فسجل لهم سورة مريم.
خصائص تلاوته
كان الشيخ محمد رفعت ذا صوت جميل ببصمة لا تتكرر، وأسلوب فريد ومميز في تلاوة القرآن، كان يتلو القرآن بتدبر وخشوع يجعل سامعه يعيش معاني القرآن الكريم ومواقفه بكل جوارحه لا بأذنه فقط، فكان يوصل رسالة القرآن ويؤثر بمستمعي تلاوته. كان يبدأ بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والبسملة والترتيل بهدوء وتحقيق، وبعدها يعلو صوته، فهو خفيض في بدايته ويصبح بعد وقت ليس بالطويل غالبًا «عالياً» لكن رشيداً يمسُّ القلبَ ويتملكه ويسرد الآيات بسلاسة وحرص منه واستشعار لآي الذكر الحكيم.
كان اهتمامه بمخارج الحروف كبيراً فكان يعطي كل حرف حقه ليس كي لا يختلف المعنى فقط بل لكي يصل المعنى الحقيقي إلى صدور الناس، وكان صوته حقاً جميلاً رخيما رنانا، وكان ينتقل من قراءة إلى قراءة ببراعة وإتقان وبغير تكلف. امتلك الشيخ محمد رفعت طاقات صوتية هائلة، جعلته يستطيع الانتقال بسلاسة شديدة بين المقامات في أثناء تلاوته للقرآن الكريم، ليس هذا فحسب، بل إنه امتلك القدرة على تراسل الحواس لدى المستمعين، فيعلم متى يبكيهم، ومتى يبهجهم من خلال آيات الترغيب والترهيب في كتاب الله عز وجل، فقد أوتي مزمارًا من مزامير داود، وإذا ما وضعنا جماليات الصوت جانبًا لننتقل إلى قوته، فان صوته كان قويًا لدرجة أنه يستطيع من خلاله الوصول لأكثر من 3 آلاف شخص في الأماكن المفتوحة.[1]
كان محافظاً على صوته يتجنب نزلات البرد والأطعمة الحريفة ولا يدخن ولا يتناول طعام العشاء.[2]
المتأثرون بطريقته
يعد الشيخ أبو العينين شعيشع من المتأثرين بتلاوة الشيخ محمد رفعت وصوته شديد الشبه به حتى أن الإذاعة المصرية استعانت به لتعويض الانقطاعات في التسجيلات.
كما يعد الشيخ محمد رشاد الشريف مقرئ المسجد الأقصى من المتأثرين بقراءة الشيخ محمد رفعت.[5] وفي العام 1943، استمع الشيخ محمد رفعت إلى محمد رشاد الشريف فقال عنه «إنني استمع إلى محمد رفعت من فلسطين» [6]، ورد له رسالة في العام 1944 معتبراً إياه بمثابة «محمد رفعت الثاني».[5]
نشر تلاواته
كانت معظم تلاوات الشيخ محمد رفعت بمسجد فاضل باشا في القاهرة يقصده الناس هناك للاستماع إلى تلاواته حتى الملك فاروق وكانت تبث الإذاعة المصرية حفلاته من هناك، وكان صيفاً يتلو القرآن في جامع المرسي أبو العباس في الإسكندرية. إضافة إلى تلاواته الحية على الهواء من دار الإذاعة المصرية التي تعاقدت معه من أول افتتاحها لا سيما في رمضان كان يتلو تلاوتين يومياً على الهواء فيما عدا يوم الأحد وكان يقرأ القراءة الأولى من الساعة التاسعة وحتى العاشرة إلا الربع مساءً والثانية من الساعة العاشرة والنصف وحتى الحادية عشرة والربع مساءً.[2] أما تسجيلاته فكانت جميعها تقريباً من تسجيل أحد أكبر محبيه وهو زكريا باشا مهران أحد أعيان مركز القوصية في أسيوط وعضو مجلس الشيوخ المصري، والذي يعود له الفضل في حفظ تراث الشيخ رفعت الذي نسمعه حاليا، وكان يحب الشيخ رفعت دون أن يلتقي به، وحرص على تسجيل حفلاته التي كانت تذيعها الإذاعة المصرية على الهواء واشترى لذلك اثنين من أجهزة الجرامافون من ألمانيا، وعندما علم بمرض الشيخ رفعت أسرع إلى الإذاعة حاملاً إحدى هذه الأسطوانات، وطلب من مسؤولي الإذاعة عمل معاش للشيخ رفعت مدى الحياة، وبالفعل خصصت الإذاعة مبلغ 10 جنيهات معاش شهري للشيخ رفعت، ولكن الشيخ توفي قبل أن يتسلمه [3]، وتبرعت عائلة زكريا باشا بالأسطوانات لكي تنشر وقد حصل عليها ورثة الشيخ محمد رفعت بعد وفاة زكريا باشا مهران من زوجته ”زينب هانم مبارك” فلولا هذه التسجيلات لفقد تراثه الا من 3 تسجيلات تحتفظ بها الإذاعة، ولم تكن لتلك الاسطوانات أثرها في حياة الشيخ فقط بل ”زكريا باشا” المحب الذي سجل دون معرفة شخصية أو رؤية لـ”رفعت”، وقالت زوجة زكريا باشا: برغم نشاطات زوجي زكريا باشا نوران في الاقتصاد والمحاماة والسياسة والتأليف إلا أن اسمه لم يذكر إلا مقروناً بأنه الذي سجل مجموعة من التسجيلات للشيخ محمد رفعت.[4][7]
وأوضحت السيدة هناء حسين محمد رفعت حفيدة الشيخ أن أبناء الشيخ رفعت ظلوا طوال حياتهم عاكفين على إعادة إصلاح ومعالجة هذه الأسطوانات، وأن والدها أهدى الإذاعة 30 ساعة بصوت الشيخ رفعت دون مقابل، وهي كل التراث الذي نسمعه حاليا للشيخ رفعت، مؤكدة أن الأحفاد يستكملون المسيرة ويحاولون إنقاذ 30 ساعة أخرى بصوت الشيخ رفعت لم تر النور بعد، ولم تصل إلى آذان محبيه، قائلة: «نقلنا كل الأسطوانات على هارد ديسك، واشتغلنا في كذا استوديو لإصلاحها وتنقيتها، ولكن بقدر إمكانياتنا الضعيفة، ونحتاج استوديوهات عالية التقنية وإمكانيات أكبر من طاقتنا لذلك توقفنا».[3]
شخصيته
ويروى عن الشيخ أنه كان رحيماً رقيقاً ذا مشاعر جياشة عطوفاً على الفقراء والمحتاجين، حتى أنه كان يطمئن على فرسه كل يوم ويوصي بإطعامه. ويروي أنه زار صديقا له قبيل موته فقال له صديقه من يرعى فتاتي بعد موتي؟ فتأثر الشيخ بذلك، وفي اليوم التالي والشيخ يقرأ القرآن من سورة الضحى وعند وصوله إلى (فأما اليتيم فلا تقهر) تذكر الفتاة وانهال في البكاء بحرارة، ثم خصص مبلغاً من المال للفتاة حتى تزوجت. كان زاهداً صوفي النزعة نقشبندي الطريقة يميل للناس الفقراء البسطاء أكثر من مخالطة الأغنياء فقد أحيا يوماً مناسبة لجارته الفقيرة مفضلاً إياها على الذهاب لإحياء الذكرى السنوية لوفاة الملك فؤاد والد الملك فاروق.
وكان بكّاءاً تبل دموعه خديه في أثناء تلاوته حتى انه انهار مرة وهو في الصلاة عندما كان يؤم المصلين يتلو آية فيها موقف من مواقف عذاب الآخرة. وكان ربانيّاً يخلو بنفسه يناجي الله داعياً إياه.[3]
مرضه ووفاته
أصابت حنجرة الشيخ محمد رفعت في عام 1943م زغطة أو فواق تقطع عليه تلاوته، فتوقف عن القراءة. وقد سبب الزغطة ورمٌ في حنجرته يُعتقد أنه سرطان الحنجرة، صرف عليه ما يملك حتى افتقر لكنه لم يمد يده إلى أحد، حتى أنه اعتذر عن قبول المبلغ الذي جمع في اكتتاب (بحدود خمسين ألف جنيه) لعلاجه على رغم أنه لم يكن يملك تكاليف العلاج، وكان جوابه كلمته المشهورة «إن قارئ القرآن لا يهان».
فارق الشيخ الحياة في 9 مايو عام 1950م وكان حلمه أن يُدفن بجوار مسجد السيدة نفيسة حتى تقرر منحه قطعة أرض بجوار المسجد فقام ببناء مدفنه عليه، وقد كان من عادته أن يذهب كل يوم اثنين أمام المدفن ليقرأ ما تيسر من آيات الذكر الحكيم
سورة المرسلات مكتوبة كاملة بالتشكيل | كتابة وقراءة

وَٱلۡمُرۡسَلَٰتِ عُرۡفٗا (1) فَٱلۡعَٰصِفَٰتِ عَصۡفٗا (2) وَٱلنَّٰشِرَٰتِ نَشۡرٗا (3) فَٱلۡفَٰرِقَٰتِ فَرۡقٗا (4) فَٱلۡمُلۡقِيَٰتِ ذِكۡرًا (5) عُذۡرًا أَوۡ نُذۡرًا (6) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَٰقِعٞ (7) فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتۡ (8) وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ فُرِجَتۡ (9) وَإِذَا ٱلۡجِبَالُ نُسِفَتۡ (10) وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتۡ (11) لِأَيِّ يَوۡمٍ أُجِّلَتۡ (12) لِيَوۡمِ ٱلۡفَصۡلِ (13) وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا يَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِ (14) وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ (15) أَلَمۡ نُهۡلِكِ ٱلۡأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتۡبِعُهُمُ ٱلۡأٓخِرِينَ (17) كَذَٰلِكَ نَفۡعَلُ بِٱلۡمُجۡرِمِينَ (18) وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ (19) أَلَمۡ نَخۡلُقكُّم مِّن مَّآءٖ مَّهِينٖ (20) فَجَعَلۡنَٰهُ فِي قَرَارٖ مَّكِينٍ (21) إِلَىٰ قَدَرٖ مَّعۡلُومٖ (22) فَقَدَرۡنَا فَنِعۡمَ ٱلۡقَٰدِرُونَ (23) وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ (24) أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا (25) أَحۡيَآءٗ وَأَمۡوَٰتٗا (26) وَجَعَلۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ شَٰمِخَٰتٖ وَأَسۡقَيۡنَٰكُم مَّآءٗ فُرَاتٗا (27) وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ (28) ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ مَا كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ (29) ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ ظِلّٖ ذِي ثَلَٰثِ شُعَبٖ (30) لَّا ظَلِيلٖ وَلَا يُغۡنِي مِنَ ٱللَّهَبِ (31) إِنَّهَا تَرۡمِي بِشَرَرٖ كَٱلۡقَصۡرِ (32) كَأَنَّهُۥ جِمَٰلَتٞ صُفۡرٞ (33) وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ (34) هَٰذَا يَوۡمُ لَا يَنطِقُونَ (35) وَلَا يُؤۡذَنُ لَهُمۡ فَيَعۡتَذِرُونَ (36) وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ (37) هَٰذَا يَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِۖ جَمَعۡنَٰكُمۡ وَٱلۡأَوَّلِينَ (38) فَإِن كَانَ لَكُمۡ كَيۡدٞ فَكِيدُونِ (39) وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ (40) إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي ظِلَٰلٖ وَعُيُونٖ (41) وَفَوَٰكِهَ مِمَّا يَشۡتَهُونَ (42) كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ (43) إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ (44) وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ (45) كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجۡرِمُونَ (46) وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ (47) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرۡكَعُواْ لَا يَرۡكَعُونَ (48) وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ (49) فَبِأَيِّ حَدِيثِۭ بَعۡدَهُۥ يُؤۡمِنُونَ (50)
سورة المرسلات – تفسير السعدي
” والمرسلات عرفا “
أقسم الله تعالى بالرياح حين تهب متتابعة يقفو بعضها بعضا,
” فالعاصفات عصفا “
وبالرياح الشديدة الهبوب المهلكة,
” والناشرات نشرا “
وبالملائكة الموكلين بالسحب يسوقونها حيث شاء الله,
” فالفارقات فرقا “
والملائكة التي تنزل من عند الله بما يفرق بين الحق والباطل والحلال والحرام
” فالملقيات ذكرا “
وبالملائكة التي تتلقى الوحي من عند الله يتنزل به على أنبيائه;
” عذرا أو نذرا “
إعذارا من الله إلى خلقه إنذارا منه إليهم ; لئلا يكون لهم حجة.
” إنما توعدون لواقع “
إن الذي توعدون به من أمر يوم القيامة وما فيه من حساب وجزاء لنازل بكم لا محالة
” فإذا النجوم طمست “
فإذا النجوم طمست وذهب ضياؤها,
” وإذا السماء فرجت “
وإذا السماء تصدعت,
” وإذا الجبال نسفت “
وإذا الجبال تطايرت وتناثرت وصارت هباء تزروه الرياح,
” وإذا الرسل أقتت “
وإذا الرسل عين لهم وقت وأجل للفصل بينهم وبين الأمم,
” لأي يوم أجلت “
يقال: لأي يوم عظيم أخرت الرسل؟
” ليوم الفصل “
أخرت ليوم القضاء والفصل بين الخلائق.
” وما أدراك ما يوم الفصل “
وما أعلمك أيها الإنسان- أي شيء هو يوم الفصل وشدته وهوله؟
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك عظيم في ذلك اليوم للمكذبين بهذا اليوم الموعود.
” ألم نهلك الأولين “
ألم نهلك السابقين من الأمم الماضية; بتكذيبهم للرسل كقوم نوح وعاد وثمود؟
” ثم نتبعهم الآخرين “
ثم نلحق بهم المتأخرين ممن كانوا مثلهم في التكذيب والعصيان
” كذلك نفعل بالمجرمين “
مثل ذلك الإهلاك الفظيع نفعل بهؤلاء المجرمين من كفار ” مكة ” . لتكذيهم الرسول صلى الله عليه وسلم.
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك ودمار يوم القيامة لكل مكذب بالتوحيد والنبوة والبعث والحساب.
” ألم نخلقكم من ماء مهين “
ألم نخلقكم- يا معشر الكفار- من ماء ضعيف حقير وهو النطفة,
” فجعلناه في قرار مكين “
فجعلنا هذا الماء في مكان حصين, وهو رحم المرأة,
” إلى قدر معلوم “
إلى وقت محدود ومعلوم عند الله تعالى؟
” فقدرنا فنعم القادرون “
فقدرنا على خلقه وتصويره وإخراجه, فنعم القادرون نحن.
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بقدرتنا.
” ألم نجعل الأرض كفاتا “
ألم نجمل هذه الأرض التي تعيشون عليها, تضم على ظهرها أحياء لا يحصون, وفي بطنها أمواتا لا يحصرون,
” وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا “
وجعلنا فيها جبالا ثوابت عاليات لئلا تضطرب بكم, وأسقيناكم ماء عذبا سائغا؟
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بهذه النعم.
” انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون “
يقال للكافرين يوم القيامة: صيروا إلى عذاب جهنم الذي كنتم به تكذبون في الدنيا,
” انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب “
سيروا, فاستظلوا بدخان جهنم يتفرع منه ثلاث قطع,
” لا ظليل ولا يغني من اللهب “
لا يظل ذلك الظل من حر ذلك اليوم, ولا يدفع من حر اللهب شيئا.
” إنها ترمي بشرر كالقصر “
إن جهنم تقذف من النار بشرر عظيم, كل شرارة منه كلبناء المشيد في العظم والارتفاع.
” كأنه جمالة صفر “
كأن شرر جهنم المتطاير منها إبل سود يميل لونها إلى الصفرة.
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بوعيد الله.
” هذا يوم لا ينطقون “
هذا يوم القيمة الذي لا ينطقون فيه بكلام ينفعهم,
” ولا يؤذن لهم فيعتذرون “
ولا يكون لهم إذن في الكلام فيعتذرون لأنه لا عذر لهم.
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك ودمار يومئذ للمكذبين بهذا اليوم وما فيه.
” هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين “
هذا يوم يفصل الله فيه بين الخلائق, ويتميز فيه الحق من الباطل, جمعناكم فيه يا معشر كفار هذه الأمة مع الكفار الأولين من الأمم الماضية,
” فإن كان لكم كيد فكيدون “
فإن كان لكم حيلة في الخلاص من العذاب فاحتالوا, وأنقذوا أنفسكم من بطش الله وانتقامه
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بيوم القيامة.
” إن المتقين في ظلال وعيون “
إن الذين خافوا ربهم في الدنيا, واتقوا عذابه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه, هم يوم القيامة في ظلال الأشجار الوارفة وعيون الماء الجارية,
” وفواكه مما يشتهون “
وفواكه كثيرة مما تشتهيه أنفسهم يتنعمون.
” كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون “
يقال لهم: كلوا أكلا لذيذا, واشربوا شربا هنيئا, بسبب ما قدمتم في الدنيا من صالح الأعمال.
” إنا كذلك نجزي المحسنين “
إنا بمثل ذلك الجزاء العظيم نجزي أهل الإحسان في أعمالهم وطاعتهم لنا.
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بنعيم الجنة.
” كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون “
يقال للكافرين: كلها من لذائذ الدنيا, واستمتعوا بشهواتها الفانية زمنا قليلا.
إنكم مجرمون بإشراككم بالله.
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك ودمار يوم القيمة للمكذبين بيوم الحساب والجزاء.
” وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون “
وإذا قيل لهؤلاء المشركين: صلوا لله, واخشعوا له, لا يخشعون ولا يصلون, بل يصرون على استكبارهم.
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بآيات الله.
” فبأي حديث بعده يؤمنون “
فبأي كتاب وكلام بعد هذا القرآن المعجز الواضح يؤمنون إن لم يؤمنوا بالقرآن؟