قصص الحيوان في القران – الحلقة 5 – طير إبراهيم – ج 1 – Animal Stories from Qur’an
قصص الحيوان في القران | الحلقة 6 | طير إبراهيم – ج 2 | Animal Stories from Qur’an
القصص الحق ـ طير إبراهيم والايمان بقدرة الله
مما لا شك فيه كون الأنبياء كلهم مؤمنين بالله أشد الإيمان ولكن قد يراد أحياناً التوثيق من هذا الإيمان لبيان قوته وليزداد يقيناً وجلاء وهذا ما حدث مع الخليل إبراهيم عليه السلام وهو المؤمن بقدرة الله سبحانه فأراد أن يعرف الكيفية إن إبراهيم عليه السلام لم يكن شاكاً لأن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال : «نحن أحق بالشك من إبراهيم اذ قال :«رب أرنى كيف تحي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى» [البقرة :260] ونحن المسلمين لم نشك فى هذا الأمر. إذن إبراهيم عليه السلام لم يشك من باب أولى إن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام قال ما معناه : إن كان هناك شك فنحن أولى بالشك من إبراهيم وإبراهيم عليه السلام لم يشك بدليل منطق الآية :(أرنى كيف تحيي الموتى) إن إبراهيم عليه السلام يسأل رؤية كيفية إحياء الموتى أى : إنه يطلب الحالة التى تقع عليها عملية الإحياء إن إبراهيم عليه السلام لا يتكلم فى القدرة على الإحياء. ولنضرب هذا المثل فى حياتنا ولله المثل الأعلى من قبل ومن بعد والمثل لتقريب المسألة من العقول لأن الله منزه عن أى تشبيه إن أحدنا يقول للمهندس كيف بنيت هذا البيت ؟ إن صاحب السؤال يشير إلى حدث وإلى محدث هو البيت إن صاحب السؤال يريد أن يعرف الكيفية ولنا أن نسأل وهل معرفة الكيفية تدخل فى عقيدة الإيمان ؟ إن الإجابة هى أن معرفة الكيفية لا تدخل فى عقيدة الإيمان إنها ترف زائد عن عقيدة الإيمان إن عقيدة الإيمان هى أن يعلم المؤمن أن الله تحيي الموتى أما كيف يحيى الموتى ؟ فلا مدخل لها فى قضية الإيمان. ولذلك نجد أن بعض السطحيين قالوا : والعياذ بالله : إبراهيم قال (أرنى كيف نحى الموتى) فقال الله له : (أولم تؤمن) قال إبراهيم:( بلى) إن كلمة بلى حين نسمعها هى جواب بما بعد النفى إنها جاءت هنا بمعنى محدد هو بلى أنا مؤمن بقدرتك سبحانك على الإحياء والإماتة وهذا هو القدر الكافى في العقيدة الإيمانية. أما محاولة إبراهيم عليه السلام أن يعرف الكيفية فذلك لا مدخل له فى قضية العقيدة وهناك من يقول : إذا كان إبراهيم مؤمناً والإيمان كما نعرف هو اطمئنان القلب إلى قضية ما بحيث لا تطفو لتناقش من جديد ولذلك نسمى هذا الأمر عقيدة أى: أمراً معقوداً فكيف يقول إبراهيم عليه السلام ولكن ليطمئن قلبى ؟ أليس هذا القول دليلاً على أن قلبه لم يكن مطمئناً ؟ ومعنى عدم اطمئنان القلب هو خلو القلب من الإيمان. لكن الرد على مثل هذا القول هو سؤال محدد إلى أى شيء أراد إبراهيم أن يطمئن قلبه ؟ إن إبراهيم عليه السلام أراد أن يطمئن إلى الكيفية ويطمئن إلى أنه أراد بفكرة الكيفيات التى يكون عليها الإحياء إنه لم يعرف على أى صورة يكون الإحياء إن الاطمئنان هنا قادم لمراد فى كيفية مخصوصة تخرجه من متاهات كيفيات متصورة ومتخيلة. هنا قال الحق سبحانه لإبراهيم عليه السلام :« فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم أجعل على كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً وأعلم أن الله عزيز حكيم» إن الحق يعلم أن إبراهيم عليه السلام مؤمن تمام الإيمان ولكنه يسأل عن الكيفية والكيفية لا يمكن أن يتم شرحها بكلام إنما يتم شرحها بعملية واقعية إن الحق يأمر إبراهيم عليه السلام أن يأخذ أربعة من الطير الحى ويضمهن إلى صدره ليتأكد من ذوات الطير حتى لا يقول : إن الحق سبحانه وتعالى ربما أحضر إليه طيراً آخر وقال المفسرون : إن الأربعة من الطير لم تكن من نوع واحد بل مختلفة ففيها كل نوع له شكلية الطيور جزءا بعد أن يذبحهن ويقطعهن ثم يوجه إلى هذه الطيور الدعوة فتأتى إبراهيم عليه السلام سعياً وهذه العملية هل قام بها إبراهيم أم لم يقم بها؟ إن القرآن الكريم لم يتعرض لهذه المسألة وعندما يقول الحق سبحانه : ( ثم ادعهن يأتينك سعياً) وقد يقول قائل : ألم يكن من المفروض أن يقول الحق :«يأتينك طيراً» ؟! لأن الحديث يدور حول الطير والطيران من خصائصة وليس السعى. إن الحق أراد بذلك أن يوضح الأمر بصورة محددة لأن الطير إن جاء طيراناً فهو يطير فى الجو وقد يقول إبراهيم عليه السلام : إن الطير قد اختلط على بعضه وجاء إليه إنما المجيء للطير بالسعى هو إيضاح كامل وذلك ليكون إبراهيم عليه السلام متأكداً بالكيفية فجاءت الطير من أنواع مختلفة وهو الذى قام بذبحها وتقطيعها وهو الذى وضع على كل جبل جزءاً منها وهو الذى دعا الطير. ومن هنا يتبين طلاقة قدرة الحق سبحانه وتعالى وهى فى الفرق بين القدرة الواجبة لواجب الوجود وهو الحق سبحانه وتعالى والقدرة الممنوحة من واجب الوجود لممكن الوجود وهو الإنسان إن الحق له قدرة وقدرة الحق واجبة ذاتية لا حدود لها والإنسان له قدرة وقدرة الإنسان ممكنة وهى قدرة محدودة مستمدة من خالق كريم والإنسان من البشر حين تكون له قدرة ويكون هناك واحد لا قدرة له أى عاجز يستطيع القادر من البشر أن يعدى أثر قدرته إلى العاجز. إن إبراهيم عليه السلام كواحد من البشر عاجز عن كيفية الإحياء ولكن الحق يعطيه القدرة على أن ينادى الطير فيأتى الطير سعياً وهذا هو الفرق بين القدرة الواجبة وبين القدرة الممكنة. ولذلك يأتى القول الحكيم بخصائص عيسى ابن مريم عليه السلام : «ورسولاً إلى بنى إسرائيل أنى قد جئتكم بأية من ربكم أنى أخلق لكم من الطير كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وأبريء الأكمه والأبرص وأحى الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وماتدخرون فى بيوتكم إن فى ذلك لأية لكم إن كنتم مؤمنين»[ آل عمران :49]. إن خصائص عيسى ابن مريم عليه السلام لا تكون إلا بإذن من الله فقدرة عيسى عليه السلام أن يصنع من الطين ما هو على هيئة الطير وإذا نفخ فيه بإذن الله لأصبح طيراً وكذلك إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى إن ذلك كله بإذن من الله ونفس الأمر ينطبق على قول الحق لإبراهيم عليه السلام كواحد من البشر عاجز عن ذلك ولكنه بأمر من الله يستطيع ذلك. إن إبراهيم عليه السلام حين طلب أن يرى قدرة الله فى إحياء الموتى كان مؤمناً إيمان الاستدلال وذلك واضح فى قول الحق : «وإذا قال إبراهيم رب أرنى كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى» إن إبراهيم عليه السلام مؤمن إيمان الاستدلال والمطلوب له الكيفية لأنه يجهل الحالة التى تكون عليها كيفية الإحياء إذن فقول إبراهيم ( ولكن ليطمئن قلبى) أى أنه يطلب الاطمئنان لقلبه على حالة من الكيفية تخرجه من متاهة تخيل كيفيات أخرى ويكون الأمر من الإله الحق 🙁 قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً وأعلم أن الله عزيز حكيم) أى لا يغلبه أحد إن الله حكيم أى يضع كل شيء فى موقعه.