قصص الحيوان في القرآن | الحلقة 3 | ناقة صالح – ج 1 | Animal Stories from Qur’an
قصص الحيوان في القرآن | الحلقة 4 | ناقة صالح – ج 2 | Animal Stories from Qur’an
يقول الله في كتابه العزيز “لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب”، من هذا المنطلق تستعرض “الشروق” مجموعة قصصية عن سير بعض أنبياء الله، خلال شهر رمضان الكريم، بهدف استخلاص الموعظة والحكمة.
وتستعرض “الشروق” في الحلقة الخامسة من هذه السلسلة، قصة النبي صالح عليه السلام، بصورة مختصرة من الوارد ذكره في كتاب “البداية والنهاية” عن قصص الأنبياء، لمؤلفه الإمام الحافظ أبي الفداء إسماعيل ابن كثير القرشي، المتوفي عام 774 هجريا.
• رسالة صالح
هو صالح بن ثمود بن سام بن نوح بن إدريس بن شيث بن آدم عليه السلام، يقول الله في كتابه العزيز سورة الشعراء: “كذبت ثمود المرسلين إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون”.
أتى النبي صالح عليه السلام بعد سيدنا هود، وقد بعثه الله إلى قبيلة مشهورة يطلق عليهم قوم ثمود، وكانوا عربا يسكنون في منطقة الحِجر، الواقعة بين الحجاز وتبوك في شبه الجزيرة العربية شمال غرب المملكة السعودية حاليا، وكانوا يعبدون الأصنام، فبعث الله فيهم صالح وهو رجلا منهم، ليدعوهم للتوحيد بعبادة الله وحده لا شريك له وألا يشركون به شيئا.
ولما عرف القوم رسالة صالح، آمنت طائفة منهم، بينما كفرت الغالبية، بل إنهم نالوا منه بالقول والفعل، وهموا بقتله.
• ناقة صالح.. معجزة الرسالة
ذكر المفسرون أنه بينما كان قوم ثمود يجتمعون في يوم ما، حضر إليهم رسول الله صالح، وأخذ يدعوهم إلى عبادة الله وحذرهم ووعظهم لكن دون جدوى، ولما بلغ بهم العناد اشترطوا على النبي صالح أن يقدم لهم معجزة ظنوا أنها مستحيلة، فأشاروا إلى صخرة وقالوا له: “يا صالح هل أخرجت لنا من هذه الصخرة ناقة”، وحددوا أوصافا يريدونها، وأن تكون عشراء (حامل) وطويلة، فقال لهم صالح عليه السلام: “أرأيتم إن أجبتكم ما سألتم على الوجه الذي طلبتم، أتؤمنون بما جئتكم به وتصدقوني فيما أرسلت به؟”، فأجابوه بنعم.
• تحقيق المعجزة وعناد ثمود الصلب
لما رأى سيدنا صالح إصرارهم على تحقيق المعجزة، ذهب إلى ربه عز وجل وأخذ يدعوه بأن يجيبهم مطلبهم، فأمر الله عز وجل الصخرة بأن تنفطر لتخرج ناقة عظيمة، عشراء (حامل) على الوجه الذي طلبوه
فلما رأى قوم ثمود المعجزة وعاينوها، شعر بعضهم أنها أمرا عظيما ومنظرا هائلا وقدرة باهرة ودليلا قاطعا وبرهانا ساطعا على رسالة صالح، فآمن بعضهم، بينما استمر أكثرهم على الكفر والضلال والعناد.
اتفق الجميع على أن تبقى الناقة حية، وأن ترعى أينما ذهبت من خير الأرض، ويقال إن القوم كانوا يشربون منها اللبن بكفايتهم، لكن الكافرون لم يتركوها تأكل من خير الله، واجتمعوا على قتلها.
وكان الذي تولى ذبح الناقة هو قدار بن سالف، على رأس قوم ثمود الكافرين، الذي يعتقد أنه ولد من امرأة زانية، فانطلقوا يرصدون الناقة، ثم أصابوا ساقها بسهم، ثم أقبل عليها قدار ليعقرها وهي تشفق على ولدها وتحذره من الخطر، حتى نفقت.
• هلاك ثمود بسبب الناقة
لما علم رسول الله صالح بأن ثمود ذبحوا الناقة، قال لهم كما ذكر في كتاب الله العزيز في سورة هود: “تمتعوا في داركم ثلاثة أيام”، فلم يصدقوا تهديده باقتراب عذاب الله عليهم، ولما قدم عليهم المساء هبوا لقتله، فدافع الله تعالى عن رسوله وأرسل عليهم حجارة، وأضحت وجوههم مصفرة في اليوم الأول، ولما جاء اليوم الثاني أضحت وجوههم محمرة، ثم أضحت في اليوم الثالث مسودة، ولما جاء اليوم الرابع تحنطوا، فلما أشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء ورجفة شديدة من أسفلهم ففاضت أرواحهم.
• مدائن صالح في السعودية
واليوم يتوافد الزوار إلى منطقة الحِجر، المعروفة بـ”مدائن صالح”، والتي تضم آثار مدائن قوم ثمود، حيث تبدأ الرحلات السياحية حاليا بطريق رملي في منطقة صحراوية، تظهر في أفقه جبال تتمتع بأشكال غريبة فيما تتكشف قيمة الآثار الجبلية شيئا فشيئ مع الاقتراب منها.
• النبي الكريم محمد عندما مر بأثر قوم ثمود
قال الإمام أحمد، عن بن عمر، إن النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما مر بتبوك، نزل بالناس عند الحِجْرَ، المنطقة الواقع فيها بيوت قوم ثمود، فاستسقى للناس من الآبار التي كان يشرب منها ثمود، فعجنوا منها الطعام، ونصبوا القدور باللحم، ثم بعد ذلك نزل بهم الرسول على البئر التي كانت تشرب منها الناقة، ونهى الرسول قومه أن يدخلوا على قوم ثمود الذين عذبوا، قائلا لهم إنه يخشى أن يصيبهم مثلما أصابهم.