قصص الانسان في القران قارون ج1
Human Stories from Quran
قصص الانسان في القران قارون ج 2
Human Stories from Qur’an
قصص الانسان في القران قارون ج 3
Human Stories from Qur’an
قارون جحد بنعم الله فخسف به الأرض
«قارون»، هو ابن عم سيدنا موسى عليه السلام، إنسان عادي من بني إسرائيل، ولم يكن معه مال، يحيا بين القوم موسى، واحد منهم غير معروف، رزقه الله سعة وكثرة في الأموال حتى فاضت بها خزائنه، واكتظت صناديقه، فلم يعد يستطيع حمل مفاتيحها مجموعة من الرجال الأقوياء، يعيش في ترف، ويسكن القصور، بالخدم والعبيد. فتح الله عليه أبواب النعيم، وسبل الرزق، وطرق الكسب، فعظمت أمواله، وكثرت كنوزه، وفاضت خزائنه، فعاش في ترف وبذخ، وكبر وفخر وخيلاء، طغى وتجبر. يروي القرآن قصة قارون، قال تعالى: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ)، «سورة القصص: الآيات 76 – 80». مفاتيح الحجرات يحدث الله عن قارون، فيقول سبحانه وتعالى، إن مفاتيح الحجرات التي تضم الكنوز، كان يصعب حملها على مجموعة من الرجال الأشداء، وقيل إنها كانت من الجلود، وتحمل على ستين بغلاً، لكنه بغى على قومه، بظلمهم وغصبهم أرضهم وأشيائهم، وربما بحرمانهم حقوقهم في ذلك المال، وقيل بغيه كفره، وقيل استخفافه بهم بكثرة مال وولده، أو نسبته ما آتاه الله من الكنوز إلى نفسه بعلمه وحيلته. نصحه العقلاء من قومه بالقصد والاعتدال، ويحذروه من الفرح الذي يؤدي إلى نسيان المنعم، وينصحونه بالتمتع في الدنيا، من غير أن ينسى الآخرة، يحذرونه من الفساد في الأرض، وعظه النصحاء من قومه، لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين، وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، فإنها خير وأبقى، وأحسن إلى خلق الله كما أحسن الله إليك، فكان رده جملة تحمل شتى معاني الفساد «قال إنما أوتيته على علم عندي»، لقد أنساه غروره مصدر النعمة وحكمتها، وفتنه المال وأعماه الثراء، فلم يستمع لنداء قومه، قال الله تعالى رداً عليه، أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة، وأكثر أموالاً وأولاداً. فتنة وخرج قارون ذات يوم على قومه، بكامل زينته، فطارت قلوب بعض القوم، وتمنوا أن لديهم مثل ما أوتي قارون، وأحسوا بأنه في نعمة كبيرة، فرد عليهم من سمعهم من أهل العلم والإيمان، ويلكم احذروا الفتنة، واتقوا الله، واعلموا أن ثوابه خير من هذه الزينة، وما عنده خير مما عند قارون. وعندما تبلغ فتنة الزينة ذروتها، وتتهافت أمامها النفوس، تتدخل القدرة الإلهية لتضع حدا للفتنة، وترحم الضعاف من إغرائها، وتحطم الغرور والكبرياء، فيجيء العقاب حاسماً «فخسفنا به وبداره الأرض» في لمحة خاطفة ابتلعته الأرض وابتلعت داره، لم يجد من ينصره من دون الله، ولم ينفعه جاه أو مال. ذكر كثير من المفسرين أنه خرج في تجمل عظيم، من ملابس ومراكب، وخدم وحشم، فلما رآه من يعظم زهرة الحياة الدنيا، تمنوا أن لو كانوا مثله، وغبطوه بما عليه وله، فلما سمع مقالتهم العلماء ذوو الفهم الصحيح، قالوا لهم ويلكم ثواب الله في الدار الآخرة خير وأبقى، وأجل وأعلى، وما يلقى هذه النصيحة والمقالة، والهمة السامية، إلا من هدى الله قلبه. لما ذكر تعالى خروجه في زينته، واختياله فيها، وفخره على قومه بها، خسف به وبداره الأرض. وقد ذكر عن ابن عباس والسدي، أن قارون أعطى امرأة بغيا مالا، على أن تقول لموسى عليه السلام، وهو في ملأ من الناس إنك فعلت بي كذا وكذا، فيقال إنها قالت له ذلك، فصلى ركعتين، ثم أقبل عليها فاستحلفها، من حملك عليه؟، فقالت قارون، واستغفرت وتابت إلى الله، فخر موسى ساجداً، ودعا على قارون، فأوحى الله إليه إني قد أمرت الأرض أن تطيعك فيه، فأمر موسى الأرض أن تبتلعه وداره، فكان ذلك. وقيل إن قارون مر في مسيره على مجلس لموسى عليه السلام فأوقف الموكب وخاطبه قائلاً، يا موسى أما لئن كنت فضلت علي بالنبوة، فلقد فضلت عليك بالمال، ولئن شئت فاخرج فادع علي وأدعو عليك. ولما حل به ما حل من الخسف، وذهاب الأموال، وخراب الدار، وهلاك النفس والأهل والعقار، ندم من كان تمنى مثل ما أوتي، وشكروا الله الذي يدبر عباده بما يشاء من حسن التدبير، وبدأ الناس يتحدثون إلى بعضهم في دهشة وعجب واعتبار، وكان الذين يتمنون ماله وسلطانه وحظه في الدنيا، يقولون إن الله تعالى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويوسع عليهم، أو يقبض ذلك، فالحمد لله أن منّ علينا فحفظنا من الخسف والعذاب.