قصص الانبياء بالصلصال- قصة سيدنا يونس عليه السلام

Spread the love
قصص الانبياء بالصلصال

قصص الانبياء بالصلصال– قصة سيدنا يونس عليه السلام

يونُس عليه السلام هو نبي من أنبياء الله تعالى الذين أرسلهم (سبحانه وتعالى) إلى البشر لهدايتهم ودعوتهم إلى عبادة الله الواحد الأحد، وترك عبادة غيره، وقد عاش في حوالي القرن الثامن قبل الميلاد، وقد ذُكرت قصة سيدنا يونس في الديانات السماوية الثلاثة.

وقد جاء ذكره في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة باسم يونس ويونس بن متّى وصاحب الحوت وكذلك ذا النون أو ذي النون، و(النون) هو الحوت.

يقول تعالى في سورة الصافات:

بسم الله الرحمن الرحيم

“وإنَّ يونسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِين.”

صدق الله العظيم.

نسبه

هو يونس بن متّى الذي يعود نسبه إلى سيدنا سليمان (عليه السلام)، ويتصل نسبه بنسل بنيامين شقيق سيدنا يوسُف (عليه السلام)، وقد ذكر ابن الأثير أنّ (متّى) هو اسم والدته، وأن الأنبياء لم يُنسب أحدهم إلى والدته إلا سيدنا يونس وسيدنا عيسى (عليهما السلام).

رسالة نبي الله يونس

بدأت قصة سيدنا يونس عندما اختاره الله تعالى ليكون نبيًا يدعو الناس إلى عبادة الله. بعث الله يونس (عليه السلام) لأهل نيْنوى – المعروفة بأرض الموصل بالعراق – وهم قوم قد انتشر الشرك بينهم، فكانوا يعبدون الأصنام ويصلون لها وينكرون وجود الله الواحد الأحد.

دعا نبي الله يوُنس (عليه السلام) أهل نيْنوى لعبادة الله الواحد وترك عبادة الأصنام التي لا تنفع ولا تضر، ولكنهم أبوا وتمردوا وأصروا على كفرهم ولم يتركوا عبادة الأصنام. استمر يونس (عليه السلام) في دعوة أهل نينوى واستمروا في تكذيبه وإيذائه، وقد صبر يونس على هذا الإيذاء ولم يتوقف عن دعوتهم أبدًا، وطال الزمن في دعوتهم ولم يلق منهم إلا العناد والإصرار على الكفر، ووجد فيهم آذانًا صمًا وقلوبًا غُلفًا.

قيل أنّ نبي الله يونُس ظل في قومه ثلاثًا وثلاثين سنة يدعوهم ويحاول معهم ولم يؤمن منهم سوى رجلين، أما باقي قومه فقد وقفوا ضده منكرين لكل ما جاء به في دعوته. ولما كان موقف قومه لا يتغير تجاه دعوته وما كانوا يزيدون إلا إصرارًا وعندًا وتمسكًا بكفرهم أصاب اليأس يونس (عليه السلام) فغضب كثيرًا واستسلم وقرر أن يخرج من بلدته ويترك قومه بقرار منه لم يرجع فيه إلى الله تعالى ولم ينتظر أمره وإذنه لتنفيذ قراره، وظن أنّ الله تعالى لن يؤاخذه على استسلامه وتركه لأهل القرية قبل أن يأمره الله تبارك وتعالى بالخروج.

يقول تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

“وذا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنَّ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ.”

سورة الأنبياء

يُقصد بـ “ذا النون” يونس عليه السلام، وقد أضيف إلى النّون التي تعني الحوت ليعني أنه قد ابتلعه، والمقصود بقوله تعالى “إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا” أن يونس عليه السلام ذهب مغاضبًا لقومه من أهل نينوى الذين رفضوا دعوته واستمروا على عنادهم وعبادتهم للأصنام.

ويعني قوله تعالى “فَظَنَّ أَنَّ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ” أنّ الله تعالى لن يضيّق عليه بتركه لقومه وهجره لهم دون أن يؤمر بذلك.

خروج يونس وتركه قومه

وعد يونس عليه السلام قومه بالعذاب بعد ثلاثة أيام إذا لم يؤمنوا ويتركوا عبادة الأصنام، ثم خرج من بينهم مغاضبًا يائسًا منهم بسبب كفرهم وتماديهم في ضلالهم.

خرج يونس (عليه السلام) تاركًا وراءه قومه متجهًا إلى شاطئ البحر، فوجد قومًا على متن سفينة مستعدون للإبحار، فطلب من هؤلاء القوم أن يأخذوه معهم على سطح السفينة في رحلتهم، فتوسم هؤلاء القوم فيها الصلاح ووافقوا على اصطحابه معهم على سطح سفينتهم، وبدؤوا في الإبحار. ولما توسطوا البحر جاءت الرياح الشديدة وهاج البحر وعلت الأمواج، فقال من في السفينة: إنّ فينا صاحب ذنب، فأسهموا واقترعوا فيما بينهم على أنّ من يقع عليه السهم يلقونه في البحر، فلما اقترعوا وقع السهم على نبي الله يونس (عليه السلام) فتوسموا فيه الخير ورفضوا أن يلقوه في البحر، وقرروا أن يعيدوا الاقتراع ويلقوا السهم مرة أخرى ليجدوا إلى من سيشير هذه المرة، وكرروا القرعة ثلاث مرات وفي كل مرة كان السهم يشير إلى يونس ويأبوا أن يرموه هو، حتى قرر يونس (عليه السلام) أن يقفز في البحر موقنًا أنّ الله تعالى سينجيه من الغرق والهلاك.

ماذا حدث لقوم يونس بعد خروجه وأثناء ركوبه السفينة؟

في هذه الأثناء وفي صباح يوم خروج يونس (عليه السلام) يائسًا من قومه ومغاضبًا لهم، ظهرت بوادر العذاب التي وعد بها يونس قومه، فتكاثرت السحب السوداء في السماء، وكثر الدخان الكثيف وثار، وهبطت السحب بدخانها حتى غشيت مدينتهم وغطتها واسودت سطوحهم، ولما أيقنوا من الهلاك والعذاب أنه واقع لا محاولة خافوا ووجلوا وطلبوا يونُس (عليه السلام) فلم يجدوه بالطبع لأنه خرج وتركهم عندما فقد الأمل فيهم وفي رجوعهم عن الضلال.

أتى أهل نينوى رجلًا شيخًا؛ ليسألوه عما يجب عليهم فعله فأرشدهم إلى طريق التوبة إلى الله تعالى. فجمعوا كبيرهم وصغيرهم وذكرهم وأنثاهم وحيواناتهم جميعًا، وقد خرجوا من القرية جميعًا ولبسوا المسوح – وهي ثياب من الشعر الغليظ – وغطوا رؤوسهم بالرماد تواضعًا لله، ثم أقبلوا في مشهد مهيب على الله تعالى داعين له أن يصرف عنهم العذاب ويتوب عليهم، فقبلهم الله تعالى وتاب عليهم وقبل إيمانهم بعد كفرهم وعنادهم، ولكن يونس (عليه السلام) لم يشهد هذا الحال منهم.

قال تعالى في سورة يونس:

بسم الله الرّحمن الرّحيم

“لَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ.”

صدق الله العظيم.

ابتلاع الحوت ليونس (عليه السلام)

عندما قرر يونس (عليه السلام) أن يلقي بنفسه في البحر؛ لتهدأ العاصفة كان متيقنًا من أنّ الله تعالى لن يتركه يغرق، وأنه سبحانه وتعالى سينجيه من الهلاك. فوجد يونس أمامه حوتًا عظيمًا فابتلعه والتقمه ابتلاءً له على ترك قومه وتركهم لهم دون انتظار أمر الله تعالى له، فلما ابتلعه الحوت استقر يونس (عليه السلام) في بطنه في حماية الله تعالى في الظلمات، وهي ظلمات البحر وظلمات بطن الحوت بالإضافة إلى ظلمات الليل الحالكة.

وعلى عكس المتوقع في هذه الحالة، فلم يُخدش يونس ولم يكسر له عظم ولم يجرح قط؛ لأنه كان في رعاية الله ورحمته وتأديبه له، وكانت هذه إحدى معجزات قصة سيدنا يونس (عليه السلام).

سار الحوت وفي بطنه نبي الله يونس في جوف البحر، كان يونس يسمع أصواتًا لا يعرف مصدرها ولا معناها، فألهمه الله تعالى أنها أصوات تسبيح دواب البحر، وقد استمر يونس عليه السلام في التسبيح والدعاء والاستغفار قائلا ما ورد عنه في قوله تعالى في سورة الأنبياء:

بسم الله الرحمن الرّحيم

“وذا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنَّ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ.”

صدق الله العظيم.

خروج يونس من بطن الحوت، ومظاهر رحمة الله به

استجاب الله تعالى إلى نبيه يونس وأمر الحوت أن يلقي به على شاطئ البحر. كان يونس متعبًا منهكًا من الوقت الذي قضاه داخل بطن الحوت، وقد ألقاه الحوت في العراء حيث لا يوجد أشجار ليحتمي تحتها من أشعة الشمس الحارقة وهو مريض ضعيف يحتاج إلى علاج ورعاية وطعام، فقد مكث في بطن الحوت ثلاثة أيام، وقيل سبعة أيام، وقيل غير ذلك ولولا تسبيحه واستغفاره لله تعالى للبث فيه حتى قيام الساعة.

يقول تعالى في سورة الصافات:

بسم الله الرحمن الرحيم

“وإنَّ يونسَ لَمِنَ المُرسلينَ إذْ أبَقَ إلَى الفُلكِ المَشحون فساهَمَ فكانَ مِنَ المُدحضين فالتقمهُ الحوتُ وهُوَ مُليمٌ فَلَوْلَا أنَّهُ كانَ مِنَ المُسبِّحين للَبِثَ فِي بطنِهِ إلَى يومٍ يُبعثون فنبذناهُ بالعراءِ وهُوَ سقيمٌ وأنبتنا عليهِ شجرةً مِن يَقْطِين وأرسلناهُ إلَى مائةِ ألفٍ أَو يزيدونَ فَآمَنُوا فمَتَّعناهُم إلَى حِينِ.”

صدق الله العظيم.

معجزة إنبات الشجرة فوق مكان يونس (عليه السلام) على الشاطئ

عندما ألقى الحوت بيونس على شاطئ البحر كان ضعيفًا هزيلًا في بدنه وجلده، وهذا ما كان يجعل تعرضه لأشعة الشمس والحرارة العالية والحشرات يشكل خطورة على صحته وحياته. فأنبت الله تعالى شجرة اليقطين فوق مكانه؛ ليستظل بها ويأكل منها حتى يتعافى ويسترد صحته وعافيته، وكانت هذه إحدى معجزات قصة سيدنا يونس (عليه السلام)

هل تعلم لماذا شجرة اليقطين؟

لأن شجرة اليقطين تتميز بقدرة أوراقها على طرد الذباب وعدم اقترابه من أي شيء مغطى بورق اليقطين، كما أنها لكبر حجم ورقها فهي وسيلة مناسبة للتظلل بها، كما أنّ ثمار هذه الشجرة تؤكل من أول طلوعها نية ومطبوخة وبقشرها أيضًا، وقد ثبت أنّ النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) كان يأكل منها أيضًا.

وقد سخر الله تعالى لنبيه يونس عليه السلام أرْويّة (وهي الأنثى من البعول) ليستفيد من لبنها، فكانت ترعى في البرية، وتأتيه بكرة وعشية ليتغذى من لبنها، فقد غمره الله تعالى برحمته وعطفه حتى نجا مما كان فيه.

عودة يونُس (عليه السلام) إلى قومه

عندما تعافى يونس بفضل ربه ورعايته ورحمته، عاد إلى قومه في نيْنوى فوجدهم مؤمنين خاشعين لله وقد تغير حالهم الذي تركهم عليه قبل أن يقرر الخروج وتركهم.

كان أهل نيْنوى في انتظار يونس؛ لكي يعلمهم أمور دينهم وليأتمروا بأمره ويتبعوه.

Leave a Comment