قصص الانبياء بالصلصال- قصة سيدنا ايوب  عليه السلام

Spread the love
قصص الانبياء بالصلصال

قصص الانبياء بالصلصال– قصة سيدنا ايوب  عليه السلام

قصّة أيّوب عليه السلام يُعَدّ أيّوب -عليه السلام- نبيّاً من نسل الأنبياء؛ قال -تعالى-: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ).[١] فهو -على المشهور- من ذُرّية إبراهيم -عليه السلام-؛ إذ استدلّ العلماء على ذلك من أنّ الضمير في الآية عائد على نبيّ الله إبراهيم، وليس على نوح -عليه السلام-،[٢] وكانت بعثته -عليه السلام- بين موسى، ويوسف -عليهما السلام-.[٣] وصَبرُ أيّوب -عليه السلام- الذي اتّصف به على البلاء جعلَ منه قدوةً ومثالاً للصابرين،[٤] وليس في ذلك غرابة؛ فأنبياء الله -تعالى- ورُسله هم أشدّ الناس بلاءً؛ إذ بيّنَ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ذلك في الحديث الذي رواه سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أنّه قال: (قلتُ يا رسولَ اللهِ أيُّ النَّاسِ أشدُّ بلاءً قالَ الأَنبياءُ ثمَّ الأَمثلُ فالأَمثلُ)،[٥] كما أنّهم أكثر الناس صبراً، وثباتاً في الابتلاءات، والوقوف في وجهها، ومعرفةً لحقيقة أنّها نِعمَة من نِعَم الله؛ لأنّها سببٌ لرَفع درجاتهم عند الله -تعالى-،[٦] الثابت في قصة أيوب عليه السلام ذُكرت قصة أيوب -عليه السلام- في سورتي (ص) و(الأنبياء) في القرآن الكريم، ففي سورة (ص) قال الله -تعالى-: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ* وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ۗ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ)،[٧] فقد دعا أيوب -عليه السلام- وتضرّع إلى الله بالشّفاء ممّا أصابه الشيطان من المرض والمعاناة والسَّقم، فأرشده الله -سبحانه- فقال: (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ)،[٨] فشرِب واغتسل من نبع الماء، وذهب عنه المرض بإذن الله، وأنعم الله عليه بأن جمع شمل بأهله معه بعد أن تفرّقوا عنه، وكان أيوب -عليه السّلام- قد أقسم أن يضرب زوجته، فقال الله -سبحانه-: (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ)،[٨] أي أن يأخذ حزمة عيدان ويضرب بها كي يكفّر عن يمينه ولا يحنث، وهي رخصةٌ جعلها الله -تعالى- لنبيّه أيوب -عليه السلام-، وأثنى الله -سبحانه- في آخر هذه الآيات على عبده أيوب -عليه السلام- لعِظم صبره، أما ذكر قصّته في سورة الأنبياء؛ فقد قال -تعالى-: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ)،[٩] والضُّر يعني المرض، أمّا الضَّر بالفتح فهو أشمل، حيث يكون بما يصيب الأهل والنّفس والمال وغير ذلك، وقد استجاب له الله -تعالى- دعاءه بفضله وكرمه، فبرّأه من المرض، وجمع أهله معه.[١٠] ويجدر بالذكر أن قصة أيّوب -عليه السلام- لم ترد إلا في هذيْن الموضعيْن من القرآن الكريم، قال ابن العربي -رحمه الله-: “وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ أَيُّوبَ فِي أَمْرِهِ إِلَّا مَا أَخْبَرَنَا اللَّهُ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ فِي آيَتَيْنِ”، فذكَر الآيتين، ثم يُكمل فيقول: “وَأَمَّا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ إِلَّا قَوْلُهُ..”، وأورد هذا الحديث: (بَيْنَا أيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، فَخَرَّ عليه جَرَادٌ مِن ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أيُّوبُ يَحْتَثِي في ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يا أيُّوبُ، ألَمْ أكُنْ أغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قالَ: بَلَى وعِزَّتِكَ، ولَكِنْ لا غِنَى بي عن بَرَكَتِكَ)،[١١][١٢] فيُخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- أن أيّوب -عليه السلام- كان يغتسل متجرّداً من الثّياب في أحد الأيام، فأنزل الله -سبحانه- عليه جرادٌ من ذهب، فصار أيوب -عليه السلام- يجمع منه ويضعه في ثوبه، وهذه معجزة من الله -تعالى-، وكانت امتحاناً له على شكر نعم الله -عزّ وجلّ-، وحاشاه أن يكون جمع هذا المال والذهب حبّاً للدنيا، ولذلك قال: “ولكنْ لا غِنى لي عَن بَركتِك”، فكان شكره للنّعمة بأن تلقّاها من الله بالقبول، لأنّها بركة من ربّه -سبحانه

مدّة صبر أيّوب عليه السلام ورد عن ابن حجر العسقلانيّ أنّ أصحّ ما جاء في قصَّة أيّوب -عليه السلام- ما أخرجه ابن أبي حَاتم عَن أَنس أنّه -عليه السلام- ظلّ مُبتلىً مدّة ثلاث عشرة سنة، جاء في الحديث: (أنَّ أيوبَ عليهِ السلامُ ابتُليَ فلبثَ في بلائهِ ثلاثَ عشرةَ سنةً)،[١٨][١٩] وجاء في رواية أخرى عند صاحب المستدرك، وغيره، أنّ بلاءه استمرّ ثماني عشرة سنة، ورد في الحديث: (إنَّ نَبيَّ اللهِ أيُّوبَ عليه السَّلامُ لبِثَ به بَلاؤُهُ ثَمانَ عَشْرةَ سَنَةً).[٢٠][٢١] وفاة النبيّ أيّوب ومكان قبره تُوفِّي النبيّ أيّوب -عليه السلام- وله من العمر ما يزيد عن التسعين عاماً،[٢٢] إلّا أنّ المكان الذي دُفِن فيه غير معلوم؛ فقد ورد عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنّ قبر النبيّ محمد -صلّى الله عليه وسلّم- هو القبر الوحيد الذي اتُّفِق على أنَّه قبر نبيّ، أمّا فيما يتعلّق بالبئر الذي يُقال له بئر أيّوب والذي يظنّ الناس أنّه البئر الذي اغتسل فيه -عليه السلام- فلا دليل على صحّته، ولا يُعلَم مكانه.[٢٣]

Leave a Comment